محاضرات وسائل الأداء والإئتمان pdf
محاضرات وسائل الأداء والإئتمان نورالدين الرحالي pdf
مقدمة:
خص المشرع المغربي النشاط التجاري بأجال قصيرة في الإنشاء والتنفيذ والإنهاء، وبالائتمان عبر منح الثقة والضمانات القانونية اللازمة لممارسة التجارة، وتحقيق استمرار المقاولة في نشاطها، دون صعوبات أو توقف عن الدفع.
والتعامل المباشر بالنقود، سواء بالمناولة اليدوية أو نقلها من مكان لآخر، يثير الشكوك وقلة الأمان، الشئ الذي دفع إلى ابتكار طرق آمنة في مجال الخدمات التجارية بكافة أنواعها: المالية والمصرفية والبنكية. 1
وظهرت الكمبيالة كوسيلة أولى من وسائل الأداء، بغض النظر عن مختلف تسمياتها، ثم تبعها السند لأمر فالشيك، لكن عالم التجارة ظل يتطور إلى أن ظهرت وسائل أداء وائتمان معلوماتية وإلكترونية.
والأصل التاريخي للأوراق التجارية يجد سنده في المجال التجاري، لأن التجار هم من حاولوا البحث عن وسائل أداء تضمن حصولهم على أموالهم، مع التذكير أن هذه الوسائل تستعمل من قبل التجار ، كما أن لها أهميتها في مجال التجارة الدولية، إذ عقدت عدة مؤتمرات أهمها مؤتمر ” جنيف ” بتاريخ 13 ماي 1930 الذي نظم الكمبيالة والسند لأمر، وبعده ثم إصدار قانون موحد للشيك بتاريخ 19 مارس 1931.
القسم الأول: أحكام وسائل الأداء والإئتمان في التشريع المغربي
خضعت الأوراق التجارية من الناحية التشريعية لمدة زمنية طويلة لقواعد العرف والعادات التجارية، ويرجع أصل القانون المنظم للأوراق التجارية بالمغرب إلى القانون التجاري الفرنسي لسنة 1807 الذي أدخلته السلطات الفرنسية في عهد الحماية بموجب ظهير 12 غشت 1913 .
وظلت الأوراق التجارية منظمة في المغرب بموجب ظهير 12 غشت 1913 كما وقع تغییره بظهير 19 يناير 1939، كما ظل الشيك خاضعا لظهير 19 يناير 1939، دون أن يتم تجميع هذين الظهيرين في مدونة واحدة.
أولا: الإطار التشريعي لوسائل الأداء والإئتمان في القانون المغربي
-أ- الإطار العام لوسائل الأداء والائتمان
إن الإطار العام الذي يحكم تنظيم وسائل الأداء والائتمان ، منظم بموجب مدونة التجارة التي عددت المصادر المعتمدة في التطبيق على الوقائع والتصرفات ذات الطابع التجاري، ورتبتها من حيث التدرج و الأسبقية في التطبيق،و نصت المادة 2 منها على ما يلي: يفصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين وأعراف وعادات التجارة، أو بمقتضى القانون المدني ما لم تتعارض قواعده مع المبادئ الأساسية القانون التجاري”.
ب ـ الإطار الخاص لوسائل الأداء والانتمان
يعتبر الكتاب الثالث من مدونة التجارة إطارا خاصا لوسائل الأداء والائتمان ، وقد قسمه المشرع المغربي إلى قسمين: خصص القسم الأول المواد من 159 إلى 231 للكمبيالة، وهي في مجملها أحكام مأخوذة من اتفاقية جنيف المصادق عليها من طرف المغرب بظهير 19 يناير 21939.
إضافة مع وخصص القسم الثاني للشيك، واعتمد في أحكامه أيضا على الاتفاقية أعلاه، أحكام زجرية لمحاربة إصدار الشيك بدون رصيد، أو تسلمه على سبيل الضمان.
وتعتبر المادة 329 من مدونة التجارة أيضا، إطارا خاصا لهذه الوسائل، من خلالها تنصيصها على كونه، تعتبر وسيلة أداء وفق مقتضيات قانون مؤسسات الائتمان، كل وسيلة تمكن كل شخص من تحويل أموال كيفما كانت الطريقة أو الخطة التقنية المستعملة لذلك.
ثانيا: الإطار المفاهيمي لوسائل الأداء والائتمان:
أ- التعريف التشريعي:
لم يعرف المشرع المغربي الأوراق التجارية، واكتفى ببيان أنواعها، ولم يعمد إلى إدخال تعديلات جوهرية على الكتاب الثالث من مدونة التجارة، الشيء الذي يفسر على أنه لم يخرج عن أحكام” قانون جنيف الموحد الذي يعتبر مصدرا مهما للعديد من التشريعات الوضعية التجارية المعاصرة. “
ب – التعريف الفقهي:
الأوراق التجارية:مصطلح تشريعي، أما وسائل أداء وائتمان: فهي تعبير عن الوظائف التي تقوم بها الأوراق التجارية عند التعامل بها من طرف التجار، أشخاصا ذاتيين كانوا أو معنويين، وهي في حقيقة الأمر، سندات تمثل حقا موضوعه مبلغ من النقود يستحق الأداء بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين، ويتم تداولها بالطرق التجارية أي بالتظهير والمناولة اليدوية ( أي التسليم).
وبتعريف آخر، هي محرر مكتوب، يقوم مقام النقود في المعاملات، ويوافق التجار على قبولها كأداة لتسوية الديون، وتنشأ وفقا لأوضاع قانونية محددة، وتتضمن التزاما بدفع
مبلغ معين من النقود.
ثالثا: تمييز وسائل الأداء والائتمان عن السندات المشابهة لها
إن الأهمية القانونية والواقعية للأوراق التجارية في مجال قانون الأعمال تدفعنا إلى تمييز الورقة التجارية عن باقي المحررات المشابهة لها، وتتميز الأوراق التجارية عن الأوراق النقدية في المظاهر التالية:
-أ- تمييز الورقة التجارية عن الورقة النقدية:
-1- من حيث مصدر النشأة.
- الأوراق النقدية: مصدرها البنك المركزي للدولة، وهو بنك المغرب، الذي يمارس اختصاصاته طبقا للقانون رقم 76.03 المتعلق بالقانون الأساسي لبنك المغرب.
- الأوراق التجارية: كل شخص ذاتي أو اعتباري3 ، فقط تتوفر فيه وجود مقابل الوفاء والقدرة على الالتزام الصرفي للورقة التجارية.
-2- من حيث القوة الإلزامية:
- الأوراق النقدية: تتمتع بصبغة الإلزام، وبقوة إبرائية ، وكل شخص ملزم بقبول الورقة النقدية، لأن مصدرها هو الثقة بالدولة التي تتولى مهمة إصدارها، مع التذكير أن الورقة النقدية ليس لها ميعاد للوفاء، ولايطالها التقادم.
- الأوراق التجارية: لا تبرئ الديون إلا بعد أداء قيمتها نقدا، وكل شخص حر في قبول الورقة التجارية أو رفضها.
-ب- تمييز الورقة التجارية عن القيم المنقولة
القيم المنقولة: كل الأوراق والسندات التي تصدرها شركات المساهمة: كالأسهم وشهادات الاستثمار وسندات القرض، وتشكل الأسهم أهم القيم المنقولة التي تصدرها شركات المساهمة4، وهي بمثابة القيمة المالية التي يساهم بها المساهم في الشركة.
ويختلف السهم عن الورقة التجارية في الأوضاع التالية:
-1- من حيث النشأة:
ينشأ السهم إما في مرحلة تأسيس الشركة عن طريق الاكتتاب، وإما في حياتها عند الزيادة في رأسمالها بإصدار أسهم جديدة، وتتنوع الأسهم التي تصدرها شركات المساهمة؟،
وتنشأ الورقة التجارية عند كل التزام صرفي يود من خلاله الطرف المدين إلى تأدية ما بذمته من مبالغ مالية لفائدة الدائن، شريطة قبول الطرف الآخر التعامل بالورقة التجارية.
وتختلف عن الأوراق التجارية عن القيم المنقولة من النواحي التالية:
-1- من حيث المدة:
الأوراق التجارية: تمثل ديونا قصيرة الأجل. القيم المنقولة: تمثل ديون طويلة الأجل، وتمنح لأصحابها إما فوائد أو أرباح دورية طوال ه المدة المتفق عليها.
-2- من حيث القيمة المالية:
الأوراق التجارية: قيمة ثابتة في حدود المبلغ المضمن فيها. القيم المنقولة: قيمة متغيرة، تتأثر بتقلبات أسعار السوق الاقتصادية.
-3- من حيث الخصم:
الخصم وفق المادة 526 من مدونة التجارة ، أي قيام البنك بصرف قيمة الورقة التجارية قبل حلول ميعاد استحقاقها، ومقابل هذا التعجيل يستفيد البنك من مبلغ مقتطع على المدة المتبقية، فائدة وعمولة.
الأوراق التجارية: تقبل الخصم لدى البنك.
القيم المنقولة : لا تقبل الخصم، وإنما يمكن بيعها فقط في السوق.
رابعا: قواعد الصرف في مجال وسائل الأداء والائتمان
المقصود بقواعد الصرف : الأحكام التي تنظم الالتزام المالية المضمن في الأوراق التجارية بدءا من نشأتها وتنفيذها إلى غاية تأديتها للمهمة التي أنشئت من أجلها.
القاعدة-1- نشأة التزام صرفي:
نص المشرع المغربي في الفصل الأول من قانون الالتزامات والعقود، على ما يلي:” تنشأ الالتزامات عن الاتفاقات والتصريحات الأخرى المعبرة عن الإرادة وعن أشباه العقود وعن الجرائم وعن أشباه الجرائم”
والالتزام الصرفي: واجب قانوني يقع على عاتق شخص معين يسمي المدين، بمقتضاه يتوجب على هذا الأخير القيام بأداء مبلغ مالي لمصلحة شخص آخر معين أو قابل للتعيين الدائن، ولأهمية هذا الالتزام سوف نحيط به من خلال المحاور التالية:
-1- أركان الالتزام الصرفي : يحتوي الالتزام الصرفي على مظهرين:
الأول: الرابطة الشخصية بين الدائن والمدين.
الثاني: القيمة المالية للالتزام، بمقتضاه يتخذ الدائن مركز صاحب الحق، ويتخذ المدين مركز الدين المترتب في ذمته.
-2- مصادر الالتزام الصرفي: يقصد بمصادر الالتزام : سبب نشأته ، أي أنه يستند في أحكامه على التصرف القانوني: أي اتجاه الإرادة إلى إحداث نتائج قانونية معينة، ويبتدأ الالتزام الصرفي بإرادة منفردة7، وينتهي بتوافق إرادة المتعاقدين، بحيث إن الموقع على
الورقة التجارية، يصبح بمقتضى هذا التصرف القانوني الانفرادي مرتبطا بالطرف الآخر الحامل لذلك السند ، ومع ضرورة ترتيب ذلك التوقيع آثارا قانونية تنظمها مدونة التجارة،
والالتزام الصرفي: تحميه دعوى شخصية، تجعل الالتزام ملقى على عاتق المدين، والدعوى الشخصية إما أن تكون دعوى مدنية8 أو دعوى جنائية، فتكون مدنية إذا كانت تهدف إلى تعويض الدائن، وتكون جنائية إذا نشأت عن جريمة، وكانت تهدف إلى توقيع جزاء جنائي على المدين.
-3- خصائص الالتزام الصرفي: انطلاقا من تعريف الالتزام الصرفي، يمكن وضع الخصائص التالية:
- واجب قانوني: أي أن المشرع المغربي خصص له قواعد قانونية خاصة في مدونة التجارة، ويصبح بالتالي، القانون هو الذي يحمي الالتزام الصرفي، فإذا رفض أو تماطل المدين في تنفيذ التزامه أمكن للدائن إجباره في الوقت المحدد على ذلك ولو قضاء.
- يقع على عاتق شخص معين: إن شخصية المدين: هي محل الالتزام الصرفي، وبالتالي يجب أن يكون معينا أو قابلا للتعين، حتى تتوفر فيه ركنا الالتزام الصرفي: وهما عنصر المسؤولية والمديونية .
- أداء مبلغ مالي: أي يجب تقدير الالتزام بمبلغ نقدي معين من خلال معاملة مالية، ولا يجب أن يكون موضوع الالتزام الصرفي: القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
و هو بهذا الوصف، الالتزام الصرفي يرد على شيء معين هو النقود، وليس البضائع، ولذلك فإن مضمون هذا الالتزام يشترط ضرورة حصوله التسليم الفعلي من طرف الدائن لقيمة المبلغ الثابت بالورقة التجارية.