“دور القضاء في التنمية في ظل التحولات التي تعرفها الدول المغاربية”

“دور القضاء في التنمية في ظل التحولات التي تعرفها الدول المغاربية”

“دور القضاء في التنمية في ظل التحولات التي تعرفها الدول المغاربية”


   حفيظة بوضرة: اعتبرت الأستاذة فتيحة غميظ نائبة وكيل جلالة الملك بالمحكمة الابتدائية بوجدة أن “ما يشهده العالم من تحولات دقيقة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو التشريعي يفرض على القضاء المغربي استيعاب هذه التحولات و التفاعل  معها بشكل إيجابي و أكثر انفتاحا، فالعالم اليوم أصبح يتكلم لغة اقتصاد السوق، وهيمنة عولمة اقتصاده، وأن المغرب بمصادقته على اتفاقية “الكات” يكون قد أعلن عن انخراطه و انفتاحه على المنتظم الدولي”.
واسترسلت الأستاذة غميظ أن “القضاء لم يعد يقتصر على فض النزاعات بين الناس، وتطبيق النصوص القانونية، بل يتخطى ذلك بكثير، فالقاضي هو الذي يزرع الحياة النصوص الجامدة، وهو مطالب بالاجتهاد في حالة غموض هذه النصوص ووجود فراغ تشريعي”، وبهذا يتبين تضيف الأستاذة–   أن “الفكر القضائي ملزم بالتطور والخلق والإبداع من أجل مواكبة التغيرات المتسارعة المحيطة به، لأنه يعد بمثابة القاطرة نحو الرقي والازدهار”.
واعتبرت أن “القضاء العربي عموما و المغربي خصوصا ظل محل انتقاد شديد من خلال التقارير الأجنبية الرسمية و غير الرسمية، و خاصة تلك الصادرة عن البنك الدولي و الاتحاد الأوروبي، معتبرة أن قطاع العدالة بالمغرب من أهم القطاعات التي تعاني من الفساد و تعرقل التنمية الاقتصادية، الأمر الذي انعكس سلبا على الاستثمار، مما دفع الدولة في السنوات العشرة الأخيرة إلى النهوض بهذا القطاع باعتباره من أهم الأوراش الكبرى”.
وتمحورت مداخلة نائبة وكيل الملك بابتدائية وجدة خلال هذا الملتقى حول مبحثين، أولهما إصلاح القضاء مطلب أساسي للتنمية، وثانيهما الشروط المتطلبة في إصلاح القضاء لتحقيق التنمية، حيث أكدت من خلال المبحث الأول أن “دور القضاء ليس محصورا فقط في حدود ضيقة بل يتعداه، و أنه يعد فاعلا أساسيا في التنمية، باعتبار أن القواعد التي يصوغها القاضي عند معالجته للنزاع المعروض عليه كيفما كان نوعه تجاريا أو مدنيا ، أو إداريا، أو أحوال شخصية  تؤثر بشكل مباشر إما إيجابا أو سلبا”، معتبرة أن “القضاء يساهم في التنمية من خلال توفيره مناخ الثقة للمستثمرين سواء الوطنيين أو الأجانب”.
وأشارت الأستاذة فتيحة غميظ إلى “مساهمة القضاء الإداري في تخليق الإدارة، وتكريس مبادئ المساواة والشفافية والمنافسة”.
وعن الشروط المتطلبة في إصلاح القضاء لتحقيق التنمية، قالت الأستاذة غميظ أنه “لا يمكن الحديث عن إصلاح القضاء دون توفر الموارد البشرية المؤهلة لاستيعاب التحولات و مواكبتها، كما أنه لا يمكن أن يكسب القضاء الرهان دون توفره على الأمن القانوني”.
وفيما يخص تأهيل الموارد البشرية، أبرزت أنه “لا يمكن إصلاح القضاء دون الحديث عن الموارد البشرية، باعتبارها المحرك الأساسي في العملية التنموية، واستعرضت في هذا الصدد القضاة الممرسين الذين يتعين أن يخضعوا للدورات في التكوين المستمر، وإلى المساعدين بمن فيهم كتابة الضبط، هذا إلى جانب العمل على تحديث البنيات التحتية للمحاكم و تزويدها بالتجهيزات الحديثة وعلى رأسها التكنولوجية المعلوماتية، بالإضافة
لإنشاء مواقع الكترونية، من أجل تمكين  المواطن المستثمر أو الأجانب  من الولوج إلى العمل القضائي”.
وعن الأمن القانوني و القضائي باعتبارهما شرطا أساسيا للتنمية، أكدت الأستاذة فتيحة غميظ أنه “يستلزم وضوح القاعدة القانونية و قابلية القانون للتوقع، وهو ما أكدت عليه المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، واستعرضت في هذا المجال أهم مميزات الأمن القانوني و القضائي والتي تتجلى في:
قابلية القانون للتوقع، سهولة الولوج إلى المحكمة، ضمان حقوق الدفاع، عدم تناقض النصوص القانونية، عدم تعقيد المساطر و الإجراءات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *